النار ، ثم لا نار ولا اهل نار قضية العدل ، وان العقوبة ليست الا قدر الخطيئة ف (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
وهنا الخلود في الوزر ليس إلا قدر الوزر ، حيث الإعراض عن الذكر دركات ، فالخلود في الوزر ايضا دركات (وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً).
(يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً) ١٠٢.
و (يَوْمَ الْقِيامَةِ) هو (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) وهي هنا النفخة الثانية بدليل «ونحشر» : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) (٣٩ : ٦٨) و «المجرمين» هنا تعم (مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ) وسواه ممن أجرم مهما اختلفت دركات الإجرام ، والزّرق جمع الأزرق من الزرقة وهي اللون المعروف بين البياض والسواد.
ولان «زرقا» وصف للمجرمين دون عيونهم فحسب ، فلا تعني ـ فقط ـ زرقة عيونهم ، بل هم يومئذ زرق ككلّ خوفة من هول الموقف المطّلع ، ومن زرقة عيونهم عماها : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً. وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) (٢٠ : ١٢٤) (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا) (١٧ : ٩٧) وقد تكون «زرقا» كمقدمة محضرّة ل «عميا» ان تشخص ابصارهم لا يرتد إليهم طرفهم وافئدتهم هواء ، ثم تتحول ألوانها وتظهر بياضها ويذهب سوادها ثم تعمى.
ولا ينافي حشرهم ـ زرقا وعميا وبكما وصما ـ شخوص أبصارهم ورؤية اعمالهم وسماع ما يسمعون من تأنيب وسواه ، وما يتكلمون في التماس لتخفيف عذاب وسواه ، حيث المواقف هناك عدّة قد تقتضي العذاب عماهم كما عند حشرهم ، واخرى ابصارهم واسماعهم كما عند