هذا يَوْمٌ عَسِرٌ) (٥٤ : ٨) ولكنه لا ينافي النفخ في الصور حيث يدعو بأمر الله لعود الحياة (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) (٣٦ : ١٥١) (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً) (٧٨ : ١٨).
(يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ) مسيّرين (لا عِوَجَ لَهُ) لا الداعي إليها ولا الصور ولا اتّباعهم له ، مهما كانوا معوّجين عن اتّباعه يوم الدنيا ، ومن اتباعهم له (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ) في نفي واثبات ، ثم الأصوات : (فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) خفيفا ، استغراقا في المذلة ، إما همسا في كلام ، ام في الأقدام ، نقلة من أجداثهم الى محشر الحساب ، ثم الثواب او العقاب (١).
فهناك اتباع اوّل للداعي نفخا في الصور ، واتباع ثان في موقف الحساب والى اتباعات أخرى (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) (٢ : ١٦٥) (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (٤٠ : ١٦).
هكذا يخيّم على المحشورين الصمت الرهيب والسكون الغامر العجيب ، فالسؤال تخافت ، والكلام والإقدام همس ، والخشوع ضاف ، والوجوه عانية ، وجلال الرحمن يغمر النفوس!.
(يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً ١٠٩ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) ١١٠.
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٣٠٨ عن ابن عباس والضحاك وعكرمة وسعيد والشعبي (فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) أصوات اقدامهم ، وعن سعيد بن جبير قال : سر الحديث وصوت الاقدام.