(لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ) مما يدل على ان هناك شفاعة ، ولكن نفعها محصور في (مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) ففاقد الشرطين لا يشفّع إذا شفّع ، بل ولا يشفع إذ (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) (٣١ : ٣٨).
وترى (مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ ..) هو الشافع؟ ويكفيه اذن ورضى قوله! ام هو المشفّع له؟ والشافع هو المحور الأصيل في اذن الرحمن ورضى قوله!.
قد تعنيهما الآية ، فليكن الشافع مأذونا في شفاعته ، ومرضي القول فيها عند الرحمن ، وعلى هامشه المشفوع له مأذونا في ان يشفع له ، ومرضيا في قول له ، وقد جمعهما فيه (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) (٢١ : ٣٨) اي من ارتضى الله دينه وهو من ساءته سيئته وحسنته حسنته.
فقول الشافع المرضي هو ما وقع موقعه الصالح ، وقول المشفوع له المرضي هو كلمة التوحيد فانه اصل القول ، ثم قوله الذي يعذره عن فعله المحتاج الى شفاعة.
إذا فليست الشفاعة يومئذ فوضى جزاف لا في الشافع ولا المشفوع له ولا المشفوع لأجله ، حيث الكل منوطة بإذن الله ورضاه.
ومن رضى القول وفقه للواقع الصالح وصالح الواقع دون خطإ قاصر او مقصر ، حيث «يعلم» الله (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ..) شافعين ومشفوعا لهم (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) كذلك الأمر.
ثم (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) هو حاضرهم وما يستقبلون ، (وَما خَلْفَهُمْ) هو غابرهم وما يستدبرون ، و «ما خلفهم» هو الذي يتبنى (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) وهو العالم كل ذلك ، فلو ان شافعا قال قولا لا يصدقه الواقع علما منه او جهلا ، لم يكن قوله مرضيا ، إذ (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا