فأنت يا محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) محافظ لعهد الله تماما ، وعازم عليه تماما ، ولذلك قد تسبق رسول الوحي في قراءته ، واين أنت من آدم حيث عهدنا اليه من قبل فنسي العهد ولم نجد له عزما وثباتا على العهد!.
ولا نعهد عهدا الى آدم في الذكر الحكيم إلّا ألّا يطيع الشيطان ولا يقرب الشجرة المنهية كما في آيات عدة مثل ما هنا : (فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى) (١١٨).
ونسيان عهد الله لو كان عن قصور لا يسمى عصيانا ، وان كان عن تقصير كان عصيانا ، (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) ـ (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) هما في جملة عساكر الادلة القاطعة على نسيانه المقصر العصيان ، (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) تعني أن لم يكن له عزم على تطبيق العهد رغم تقبّله وتصديقه ، ف «لم أجد» في غير الله أعم من الوجود وعدمه حيث العلم غير مطلق ولا مطبق ، ولكنه في الله صيغة أخرى عن عدم الوجود ، ولماذا «لم نجد» بديلا عن «لم يكن أو لم يوجد له عزم» حيث الثاني يستأصل عزمه كأن الله لم يخلق له عزما ، إذا فهو قاصر لا يتمكن من عزم ، ولكن «لم نجد» تنفي وجود عزمه بما قصّر ، لامحة انه خلق له عزما مختارا في تطبيق عهده ، ولكنه نسي عهده وترك عزمه لعهده ، فأصبح عهدا دون عزم تقصيرا منه دون قصور ، ولذلك يعلن في هذه الإذاعة القرآنية العالمية (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى).
اجل ، وكلما كانت النفس أعزم على تطبيق عهد الله فهي أعظم عند الله ، وابعد عن محارم الله ، حتى يتصل الى قمة العزم وهي النفوس القدسية لأولي العزم من الرسل ومن نحى منحاهم كالائمة من آل الرسول الأقدس محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم).