ونسيان آدم ، المقصّر ، كان تناسيا على ذكر ، وإلا فكيف هنا اصل النسيان وقد ذكره الله من قبل بموقفه مع الشيطان : (إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ ..) ام «كيف ينسى وهو يذكره ويقول له إبليس : (ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ) (٧ : ٣٠)؟ (١).
وكضابطة عامة لا عصيان إلا بنسيان الرب وعهده تساهلا وتناسيا وتجاهلا عاندا ام عامدا ام عن جهالة ، ونسيان الله وعهده على أية حال عصيان مهما اختلفت دركاته.
ولقد نبه الله آدم حين خلقه وأسجد له ملائكته وتمنّع إبليس عن السجدة ، نبّهه بذلك العهد وذكّره :
(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى) ١١٦.
ولقد فصلنا القصة وحققناها حسب المستطاع في البقرة وقلنا هناك وفي مواضع اخرى ان المسجود له هنا عبودية او احتراما هو الله ، وآدم هو المسجود له شكرا لله ، كما تقول سجدت لولدي بيانا لدافع سجودك شكرا لله.
(فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى) ١١٧.
عداء سابق على السجدة لماذا أمر بها ، وعداء لاحق على مرّ الزمن لماذا لعن بتركها : (قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ
__________________
(١) البحار ١١ : ١٨٧ ح ٤٣ عن جميل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أحدهما قال سألته : كيف أخذ الله آدم بالنسيان؟ فقال : انه لم ينس وكيف ينسى ...