قاسمه إبليس (١) وكان ذلك قبل رسالته (٢) فانه :
(ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) ١٢٢.
الاجتباء من الجباية : الجمع ، والافتعال جمع متكلّف فيه ، وإذ لا تكلف في افعال الله تعالى ، فليكن اصطفاء له بعد صفاءه بتوبته وهداه ، فللعصمة مرحلتان ، إخلاص خلقي ، ثم إخلاص من الله ، فلما يجبي الإنسان نفسه لربه كما يستطيع ، فقد يجتبيه ربه لنفسه رسولا منه الى خلقه ، و «ربه» هنا دون «الله» ام (رَبِّ الْعالَمِينَ) تلمح لهذه الربوبية الخاصة في ذلك الاجتباء.
__________________
(١) مصباح الشريعة قال الصادق (عليه السلام): والصادق حقا هو الذي يصدق كل كاذب بحقيقة صدق ما لديه وهو المعنى الذي لا يسع معه سواه او ضده مثل آدم (عليه السلام) صدق إبليس في كذبه حين اقسم له كاذبا لعدم ما به الكذب في آدم (عليه السلام) قال الله عز وجل : ولم نجد له عزما ، ولان إبليس كان أول من ابتدأ بالكذب وهو غير معهود وأظهره وهو غير مشروع ولا يعرف عند اهل السماوات والأرض ظاهرا وباطنا فحشر هو بكذبه على معنى لم ينتفع به من صدق آدم (عليه السلام) على بقاء الأبد وأفاد آدم بتصديق كذبه شهادة الله عز وجل بنفي عزمه عما يضاد عهده في الحقيقة على معنى لم ينتقض من أصفيائه بكذبه شيئا».
(٢) نور الثقلين في عيون الاخبار باسناده الى أبي الصلت الهروي قال : لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام) اهل المقالات من اهل الإسلام والديانات من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وساير المقالات فلم يقم احد الا وقد الزمه حجته كأنه القم حجرا قام اليه علي بن جهم فقال له يا بن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أتقول بعصمة الأنبياء فقال نعم قال فما تعمل في قول الله عز وجل : وعصى آدم ربه فغوى؟ فقال : ان الله عز وجل خلق آدم حجته في ارضه وخليفته في بلاده لم يخلقه للجنة ، وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الأرض لتتم مقادير الله عز وجل فلما اهبط الى الأرض وجعل حجة وخليفة عصم بقوله عز وجل : ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين.