الْقِيامَةِ أَعْمى) كما كان يوم الدنيا أعمى واين عمى من عمى؟.
وتراها عمى عن البصر فلا يبصرون هناك شيئا؟ فكيف يقال لهم (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) (١٧ : ١٤) (إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا) (٣٢ : ١٢).
ام عمى عن البصيرة؟ ولم تكن لهم بصيرة في الاولى حتى يعموا عنها في الاخرى!.
الأصل في العمى هي التي عن البصيرة : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) (١٧ : ٧٢) فهي ـ إذا ـ عمى الضلال عن السبيل ، مهما كان بصيرا بالبصر الحيواني وأرقى (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (٢٢ : ٤٦) و (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) (٤٧ : ٢٣) (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) (٢ : ١٨).
ام انها تجمع لهم عمى البصر الى عمى البصيرة حين يحشرون ، ثم يرجعون الى ابصارهم ليروا بها ما يوحشهم عذابا فوق العذاب ، ومن ذلك مسرح الأعمال التي يرونها ، ومختلف ألوان العذاب ومظاهر التجديف والتخويف التي يرونها ، دون ان يروا او ينتظروا خيرا ينالونها (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) تحد البصر الى ما يزعجك ، ولكنه أعمى من النظر الى ما يبهجك (١).
(قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً) ١٢٥.
__________________
(١) في الكافي باسناده عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : من مات وهو صحيح موسر لم يحج فهو ممن قال الله عز وجل : ونحشره يوم القيامة أعمى ـ قال : قلت سبحان الله أعمى؟ قال : نعم أعماه الله عن طريق الحق».