فهي منسوفة بكرور هذه الرسالات كلها في بشر وبشر :
(وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ٧.
لقد سبقت نظيرتها في النحل وفصلنا فيها ما استطعنا فلا نعيد ، وهذه تحسم حسما ساحقا ركيزة المشكلة الشائكة لهم ، بأنه ليس بدعا من الرسل لا في كونه : بشرا (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ) ولا في كيانه الرسالي آية رسالية ، إلا انها أقوى وأبقى ، فكما ان الرسالات واحدة في جذورها ، كذلك آيات الرسالات التي تثبتها ، ولكنها درجات كما هم درجات و (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ) بهذه السنة الرسالية ، وهم الذين عاشوا الرسل وآيات الرسالات ، فاسألوهم (إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) انهم كلهم بشر أمثالكم (وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) (١٤ : ١١).
ف (رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ) حجتان تستأصلان جذور الشبهة ، ثانيتهما ان الوحي ليس لزام البشرية من حيث هيه ، بل هو فضل من الله ورحمة خاصة لخصوص عباده ليهدوهم السبيل.
وهذه كرامة الهية ان يرسل الله الى البشر بشرا ، فكيف تتخذ البشرية ذريعة لتكذيبها ، بدل أن يتذرع بها الى تهذيبها؟.
اجل (رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ) فهم كسائر البشر في كل حاجيات البشرية ، إلا أنه «يوحى إليهم» فهم بعيدون بسناد الوحي عن أخطاء البشرية :
(وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ) ٨.
ذلك! رغم قولهم (ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ)