(٢٥ : ٧) وليس هذا الرسول بدعا في بشريته ولزاماتها المادية ، (وَما جَعَلْناهُمْ) هؤلاء الرجال الرسل «جسدا» لا روح له ف (لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ) ثم (وَما كانُوا خالِدِينَ) لا يموتون ، او لا تموت رسالاتهم وتنسخ شرائعهم (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ. كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ...) (٣٥) فهم بشر كسائر البشر يأكلون مما يأكلون ويموتون كما هم يموتون ، وانما يمتازون عنهم ويفضّلون عليهم بما يوحى إليهم.
فلقد كانت الرسل الى البشر بشرا قضية الحكمة البالغة الإلهية لتكون حياتهم الواقعية الملموسة نبراسا لسائر البشر ، تحقيقا لشرعتهم في أنفسهم لتتحقق في انفس الآخرين ، فالكلمة الحية الواقعية هي المؤثرة في قلوب الناس ، حيث تترجمها حياة صاحبها ، وشيجة دائبة بينهم وبين المرسل إليهم.
فأي داعية لا يحس مشاعر المدعوين ولا يحسون مشاعره ، انه يبقى دون تجاوب في دعوته ، مهما تسمّعوا الى أقواله ، حيث الأفعال ادعى لهم واولى بالاتباع من الأقوال وكما يقال «مروا الناس بالمعروف وانهوهم عن المنكر بغير ألسنتكم».
فالقولة التي لا تصدقها فعلة ، قاصرة ام مقصرة ، إنها تبقى على أبواب الآذان ومشارف القلوب دون مزاج معها الا شذرا وسطرا في قلة قليلة ، وهذه تناحر الدعوة العالمية.
وهكذا يجب ان يكون كل قائد ، ان يتكون من نفس الوسط الذي يقوده ، عائشا معايشهم ، ذائقا مذائقهم ، وضائقا بمضايقهم ، وليقودهم عارفا متطلباتهم وحالاتهم.
لذلك كله ، وتكريما لقبيل الإنسان يبعث الله رسلهم من أنفسهم