فيجري عليهم كل ما يجري على أنفسهم من ولادة وحياة وموت ، ومن عواطف ونزعات وانفعالات ، ومن آلام وآمال ومن كل ما هو آت من الطبيعة البشرية ، اللهم إلا أخطاء هي لزام عدم العصمة حيث يعصمها علمية وأخلاقية وعملية ودعائية لتتم حجة الله على الناس ، ولا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل.
هكذا أرسلنا رسلا تترى ، حاملين الحجج البالغة الالهية ، واعديهم إنجاحا في الدنيا والآخرة :
(ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ) ٩.
صدق الوعد هو وفقه للواقع حاليا واستقباليا ، فمن الحال : (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ ...) (٣ : ١٥٢) ومن الاستقبال : (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ ...) (٣٩ : ٧٤).
وقد يجمعها ككل (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) (٤٠ : ٥١).
وقد تعني هنا «ثم» المراخية لصدق الوعد ـ فيما عنت ـ الصدق اللائح في عواقب الرسالات هنا ، ومن ثم في البرزخ والأخرى.
وهنا (فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ) بيان لصدق الوعد في خاتمة الاولى ، ثم الاخرى هي أحق بالصدق وأحرى : (فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ. ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) (١٠ : ١٠٣).
وهنا العوان بين المؤمنين الناجين والمسرفين الهالكين ، هم غير مذكورين ، وقد تعنيهم «من نشاء» مع المؤمنين ، متعة الحياة الدنيا ، ثم لا نجاة لهم كالمؤمنين في الاخرى.