ام ان «من نشاء» هم المؤمنون ، و «المسرفين» يعم غير المؤمنين ككل ، المختلفين في دركات الهلالك كاختلاف إسرافهم ، ومن أسفلها العذاب المستأصل لهم يوم الدنيا ، ومن سواهم من المسرفين هالكون في دركات اخرى هنا ، غبّ ما تصلهم دركات الاخرى بالاوفى.
(لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ) ١٠.
«إليكم» في وجه خاص تعني العرب فإنهم المحطة الاولى لنزول القرآن ، ف «ذكركم» كما تعني هنا تذكّرهم عن غفلتهم ، كذلك تعني ذكرهم بين الأمم حيث نزل القرآن منذ البدء فيهم وبلغتهم ، فالقرآن أينما حلّق يذكرهم لمن به تعلّق وتحلّق ، فلم يكن قبله لهم ذكر وشرف به يذكرون ، إلّا عارات وغارات وسرقات وقتلات ودعارات وافتخارات بنكبات!.
فما تملك العرب طول تاريخهم من زاد يقدمونه للبشرية والعالمين أجمعين سوى ذلك الزاد العظيم المكين ، فلو تقدموا بعروبتهم فحسب ، لا تتقدم عند احد بل وتتهدم ، فما قيمة العروبة دون القرآن ، فلا كلمة لها ولا مدلول في تاريخ الإنسان إلا بما يحملون القرآن ، الذي يتبناه حضارة الإنسان كإنسان!.
فالعروبة فيما سوى القرآن لا تحسب بشيء في تاريخ الحضارات بل هي في دار البوار ، وغير العروبة قد تحسب بشيء فيما سوى القرآن في حضارات زمنية ، مهما كانت خلوا من الروحية ، ثم ومن يحمل القرآن عربيا كان ام أعجميا يملك الحضارتين ، دون تقدم لقبيل على آخر إلا قدر ما يتقدم في حمل القرآن ، وقد سبق العرب طول التاريخ الاسلامي سباقون كثير من غير العرب ومنذ بزوغ الوحي حتى الآن ، ولا شرف هنا وهناك الا على ضوء شرف القرآن تفهما وتعلما وتخلقا وتطبيقا ونشرا.