ثم وطبيعة الحال فيمن عند سائر الملوك ان يسمح له في بعض التخلفات خوفة منهم او إكراما لهم حيث التقرب فيهم تقارب وتجارة بين الملوك وإياهم.
ولكن «من عنده» يزدادون له طوعا كلما تقربوا ، وتزداد مسئولياتهم عنده ، دون تسامح عنهم في صغيرة او كبيرة ، حيث الحاجة هنا هي من ناحية واحدة ، وليست مزدوجة تجارية.
فكل عبد من العبيد يستحسر لوقت ما عن الخدمة ، منقطعا بالإعياء ، وعباد الله الذين هم عنده انما يستحسرون عن ترك العبادة ، ولا يستحسرون على أية حال عن عبوديته تعالى ، حيث الشغف البالغ والهيمان الحالق حصراهم طول الحياة في العبودية دون تكلف فيها ولا تخلف عنها :
(يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) ٢٠.
فهم مستيقظون لتسبيحه وان كانوا نوّما فضلا عن يقظتهم ، ف «لا يفترون» فتورا وإن لفترة قصيرة ما داموا هم احياء ، ثم في البرزخ والاخرى تقوى تسبيحاتهم وتزداد حيث الموانع زائلة والدوافع كاملة فهم «مسبحون لا يسأمون ولا يغشاهم نوم العيون ولا سهو العقول ولا فترة الأبدان ولا غفلة النسيان» (١).
__________________
(١) نهج البلاغة السيد الشريف الرضي عن الإمام علي (عليه السلام) وفي نور الثقلين ٣ : ٤١٧ عن كتاب إكمال الدين وتمام النعمة عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه سئل عن الملائكة أينامون؟ فقال : ما من حي الا وهو ينام خلا الله وحده والملائكة ينامون فقلت : يقول الله عز وجل : (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ)؟ قال : أنفاسهم تسبيح.