(وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ) أيا كان ، مع ربك كما في صلاتك وسائر دعائك ، ام مع غيره او نفسك ، (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) فضلا عن الجهر.
فلما ذا (تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ) مع ربك؟ ألأنه لا يعلم السر؟ (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى)! أم لأنك تلتذ بسماع صوت الدعاء الى الله منك أو سواك ، فلا عليك إذا أن تجهر بالقول ، ام لأنك تعني بجهرك أن تسمع الآخرين تشجيعا على الدعاء ام تعليما؟ فكذلك الأمر ، ام لأنك ترائي في جهرك (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) مهما لا يعلم من نيتك السريرة غير الله : (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٦٧ : ١٣) سرا وأخفى ، ولكن ادب الدعاء يقتضي دون الجهر العال : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) (١٧ : ١١٠) (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ) (٧ : ٢٠٥) (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ) (٢١ : ١١٠).
ولقد كان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) يجهر ـ أحيانا ـ في الدعاء تعليما ، وهو محبور دون الجهر العال إلّا إذا اقتضت الحال : ف «كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا سلم من صلاته يقول بصوته الأعلى : لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة الا بالله ولا نعبد الا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا اله الا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون» (١).
__________________
(١) تفسير روح المعاني للالوسي ١٦ : ١٦٣ قد صح ما يزيد على عشرين حديثا في انه (صلّى الله عليه وآله وسلم) كثيرا ما كان يجهر بالذكر وصح عن أبي الزبير انه سمع عبد الله بن الزبير يقول : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ....