سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) (١١ : ٧) وطبعا قبل خلق الأرض والسماء.
فقد كانتا حينذاك رتقا في المادة الأمّ ، ففتقت الأم في تفجرة هائلة فانقسمت الى دخان السماء وزبد الأرض ، كما تفصله آياته في فصلت ، بعد إجماله في هود : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ).
ف «رتقا» هنا دلالة أولى على هذه الوحدة السابقة ، فلو كان المعني منه التصاقهما ، ام فقط فتق كلّ عن رتقة ، لكانت الصيغة السائغة له «رتقين» ولكن «رتقا» تعم الرتقات الثلاث ابتداء من هذه الرتقة البدائية وانتهاء الى فتق السماء بالماء وفتق الأرض بالنبات.
ففي آية هود (كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) يتبين باجمال انهما كانا في الأصل ماء وهو عبارة اخرى ـ وأحرى من غيرها ـ عن المادة الأم.
وفي فصلت يفصّل ذلك ورتق ثان : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ. فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (٤١ : ١٣).
فدخان السماء هو اصل ثان لعالم السماء ، وقد فتق عن الماء ، ثم فتق الى سبعها بمصابيحها ، وكما زبد الأرض للأرضين السبع : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) (٦٥ : ١٢)(١).
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٣١٧ ـ اخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابو الشيخ في العظمة عن مجاهد في الآية قال : فتق من الأرض ست ارضين معها فتلك سبع ارضين بعضهن تحت بعض ومن السماء سبع سماوات منها معها فتلك سبع سماوات بعضهن فوق بعض ولم تكن الأرض والسماء مما ستين ومثله عن أبي صالح.