(كُلُّ نَفْسٍ) والاول اولى ولا سيما لشموله من هم اعصم من الملائكة وأعظم.
فلا تختص (كُلُّ نَفْسٍ) بالنفس الإنسانية بشاهد اطلاق النفس عليها دون سواها ، فانها تشمل كل نفس مكلفة مبتلاة راجعة إلى الله ، وذوق الموت أعم من الموت نفسه ، فقد تذوقه ولا تموت موت الفوت ككل من يموت عن هذه الأدنى ، حيث الأرواح لا تموت فوتا ، وانما تذوق موت أبدانها ، وفراقها عنها ، وقد تموت ردحا ثم تحيى كما في صعقة القيامة (إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ).
اجل (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ ..) ـ (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ) (٢٩ : ٥٧) (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) (٣ : ١٨٥).
ثم الموت قد يعني ذوقه نفسه ، كما في كل موتة عن الحياة الدنيا ، ام هو الفوت ردحا قبل قيامة الإحياء ، أم يعنيهما ولا خارج عن هذه الثلاث اللهم إلا موت الآبدين في النار مع النار ، حيث لا نار ولا اهل نار فانه موت الفوت ، دون الجنة فانها دار القرار.
(وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً)؟
ذلك الخير حيث الخير كله بيديه ، فما هو ـ إذا ـ الشر ، والشر ليس اليه؟.
فتنة الشر قد تكون جزاء وفاقا لشر قبلها كما فتن بنو إسرائيل : (فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ) (٢٠ : ٨٥) فهذه شر بشر وهو خير في ميزان العدل مهما سمي شرا في ميزان الخلق لمكان ابتلاءهم فيها (كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) (٧ : ١٦٣).