وأخرى هي فتنة ملتوية صعبة ، لا تلائم النفوس في البداية ، ولكنها تبوء الى خير في النهاية كما يفتن المؤمنون بفقد الأحبة امّا هيه مما هم متعلقون به ، مفتاقون اليه والعون فيه كما (قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ) (٢ : ٢٤٩) ولقد مرض امير المؤمنين (عليه السلام) فعاده إخوانه فقالوا : كيف نجدك يا امير المؤمنين (عليه السلام) قال : بشرّ ، قالوا : ما هذا كلام مثلك؟ قال : ان الله تعالى يقول : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ...) فالخير الصحة والغنى والشر المرض والفقر» (١).
ومن البلاء الحسن نصر من الله (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٨ : ١٧).
ثم وفي واجهة عامة شاملة ، الدنيا بحذافيرها فتنة وبلوى (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) (١٨ : ٧) (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ) (٥ : ٤٨) (وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ) (٦ : ١٦٥) (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) (٦٧ : ٢) (وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٧ : ١٦٨).
فلا كرامة في بلوى الخير ولا مهانة في بلوى الشر ، اللهم إلا بلوى العقوبات : (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ، وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ ، كَلَّا ...) (٨٩ : ١٥ ـ ١٦) وبلوى المثوبات (وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً).
__________________
(١) نور الثقلين ٣٠ : ٤٢٩ في مجمع البيان عن أبي عبد الله (عليه السلام) ان امير المؤمنين (عليه السلام) مرض ...