العذاب في الاولى قبل الاخرى (فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ) نزولا وحلولا (ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) وهو العذاب الموعود ، وهو نفس استهزاءهم (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) (٣٥ : ٤٣).
(قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ) ٤٢.
الكلاءة هي الحفظ للشيء وتبقيته ، فمن ذا الذي يحافظ عليكم من الخطرات الناجمة لكم الهاجمة عليكم إلا الرحمن الذي خلقكم ، (بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) ـ (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً) (٦ : ٦١) (إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) (١١ : ٥٧).
ف (قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ .. مِنَ الرَّحْمنِ) الا الرحمن وكما يقال : أعوذ بك منك! امّن يلكؤكم من بأس الرحمن .. (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ) (٦ : ١٧) فلا كالئ إلا الرحمن (بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ) فهم غافلون ألّا كالئ لهم من الرحمن إلا الرحمن (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)!
(أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) ٤٣.
تلك الآلهة الوالهة ، الجاهلة العاجزة الكالحة ، إذ لا يستطيعون نصر أنفسهم من بأس الرحمن (وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) ويجارون ، افهم (تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا) وهم «آلهة من دوننا»؟ آلهة من دوننا ، تمنعهم من دوننا!.
فحين لا كالئ لهم في الاولى وهي دار الأسباب والبلوى ، فكيف ـ إذا ـ بالأخرى وقد تقطعت الأسباب ، وحارت دونها الألباب؟.