(بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ) ٤٤.
انه ليس لهم حول ولا قوة في منعهم من دون الله (بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ) متاع الحياة الدنيا وزينتها فأترفوا فيها (حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ) في متعهم واترافهم في كل أطرافهم ، فنسوا ذكر الله ، وذلك هو الابتلاء البعيد السحيق بالمتعة النعمة ، حيث تبدل نعمة ونقمة ، فقد بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار ، جهنم يصلونها وبئس القرار.
(أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها ...) ـ (وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ. أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (١٣ : ٤١).
ذلك الإتيان الرباني هو إتيانه بالقوة القاهرة ارض الإنسانية لينقصها من أطرافها بعد إكمالها بأطرافها ، نقصانا لناسها النسناس (١) وهو من كمالها ، ام لناسها الناس كالعلماء الربانيين (٢) وهو من نقصها ، وعلى اية الحالين فهو انتقاص من ارض عن ساكنيها قلة ام ثلة ، كما ومن نقصانها الزلازل والبراكين المدمرة المزمجرة لاطراف منها ، حيث تعني الأطراف محيطاتها الحائطة بها فهي ـ إذا ـ كلّها ، وذلك المثلث من نقصانها تهدّد بمن يتمتعون كما الانعام ولا يرعوون ، فأوسطه للمسلمين الذين لا يسمعون ولا يعون من علماءهم والآخران للمكذبين بآيات الله الذين بدلوا نعمة الله كفرا.
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٣١٩ عن الحسن يقول في الآية : ظهور النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) على من قاتله أرضا أرضا وقوما قوما.
(٢) في المجمع : وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : نقصانها ذهاب عالمها.