ومن قسط الموازين ـ حيث «لا تظلم (نَفْسٌ شَيْئاً) : (وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها) تصويرا لا صغر ما تلحضه العيون ، تمثيلا مثيلا لأقل الحسنات ، واما السيئات فلا يؤتى بصغائرها لمن ترك كبائرها : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) (٤ : ٣١) وكذلك الكبائر المعفوة بتوبات ، وعلّه كذلك صغائر السيئات لمقترفي في الكبائر ، فلا تكفيهم كبائرهم بأسا ، وذلك قضية الحق القسط لمقترفي في السيآت(١).
فلا يفلت عن الوزن ماله وزن (وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) حيث الحيطة العلمية والقدرة الّا محدودة وهو سريع الحساب.
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ
__________________
(١) البرهان ٣ : ٦١ عن الطبرسي في الاحتجاج عن امير المؤمنين (عليه السلام) في حديث له مع زنديق في جواب مسائله قال (عليه السلام): واما قوله : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) فهو ميزان العدل يؤخذ به الخلائق يوم القيامة يدين الله تعالى بعضهم من بعض ويجزيهم بأعمالهم ويقتص للمظلوم من الظالم ومعنى قوله : فمن ثقلت موازينه ومن خفت موازينه فهو قلة الحساب وكثرته والناس يومئذ على طبقات ومنازل فمنهم من يحاسب حسابا يسيرا وينقلب الى اهله مسرورا ، ومنهم من يدخلون الجنة بغير حساب لأنهم لم يتلبسوا من الدنيا بشيء وانما الحساب هناك على من تلبس منها هاهنا ومن يحاسب على النقير والقطمير ويصير الى عذاب السعير أئمة الكفر وقادة الضلال فأولئك لا يقيم لهم يوم القيامة وزنا ولا يعبأ بهم لأنهم لم يعبئوا بامره ونهيه يوم القيامة فهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها طالحون.