وبالفعل رجعوا إلى المعبد ، وبدل ان يرجعوا إلى أنفسهم ان الآلهة لا تغلب ، إذا فما هي بآلهة ، حيث الخرافة قد عطلت أنفسهم عن انسانية التفكير ، وبدل ان يرجعوا إلى كبيرهم ثم إلى ابراهيم فالى الله ، فإذا هم يتساءلون فيما بينهم حائرين.
(قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ) ٥٩.
حكما على من فعل هذا أيا كان (إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ) بلا اي عذر ولا عاذر ، حيث التغلب هكذا على الآلهة ، وكسرها عن آخرها إلا .. ان ذلك هو الظلم العظيم والضيم الحطيم فلنفتش عن الظالم أيا كان اهو كبيرهم ام هو ابراهيم؟
(قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) ٦٠.
وهنا «سمعنا» دون : رأيناه او سمعناه و «فتى» دون رجلا ، ثم (يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) دون ابراهيم ، هي توهينات ثلاث لكاسر الأصنام ، تجهيلا لأمره وتصغيرا لشأنه وتعريضا به انه «فتى» شاب وهذه الجرأة الظالمة هي من فعل الشباب ، مجهولا لا يعرف (يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) كأنه أسمعه المستعار ، او ان معرفة اسمه عار ، ام انه في الأصل مجهول الاسم والرسم ليس له اي مقدار حتى يعرف بيننا باسم او رسم ، فانه مجهول حيثما دار.
وهي هي دأبة دائبة عائبة لمن يراد توهينه وتهوينه مهما كان فعله عظيما ، اشعارا بانه في نفسه صغير صغير ، مهما ارتكب الكبير الكبير.
(فَتًى يَذْكُرُهُمْ) بسوء ، وانه سوف يكيدهم فقد كادهم بالفعل ، و «ابراهيم» رفعا فاعل «يقال» (قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ) ٦١.
فلقد تقاطرت الوفود ، وتكاثرت الجموع إلى أجساد الآلهة وأجداثها ،