جذاذها في أجسادها!.
أم يقول كذبا (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ) باتا في قوله ، والكذب فشل وخلل في الرسالة ، وسوء سابقة للرسول ، فلا يعتمد على أقواله وان كان الكذب مصلحيا ، ولماذا يكذب والحق يملك كل حجج الصدق دونما حاجة الى أي كذب! والرواية القائلة انه كذب مطروحة او مؤلّة ، لمخالفتها الآية ومسها من ساحة الرسالة الصادقة (١).
عليه في ذلك المسرح المصرع ان يأخذ امرا بين أمرين تكون فيه نبهتم بحجة قارعة قاصعة في عاجله ، قبل ان يعزموا عليه نقمة لآجله ، وقد فعل فنسب الفعل في ظاهر الحال الى كبيرهم لكيلا يهجموا عليه دون امهال ولا مجال ، ثم جعل هذه النسبة في شرطية مشتملة على حجتين :
(قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) ٦٣.
ليّ في الصدق ما أحراه بساحة الرسالة الصادقة ، حجة تجعلهم في لجة ، (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا .. إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) ـ (فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) فقد «والله ما فعله كبيرهم وما كذب ابراهيم ، انما قال فعله
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٣٢١ عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكذب ابراهيم في شيء قط الا في ثلاث كلهن في الله : قوله اني سقيم ولم يكن سقيما ، وقوله لسارة أختي وقوله بل فعله كبيرهم هذا وفيه عن أبي سعيد ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : يأتي الناس ابراهيم فيقولون له اشفع لنا الى ربك ، فيقول : اني كذبت ثلاث كذبات فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما منها كذبة الا حل بها عن دين الله ، قوله : اني سقيم بل فعله كبيرهم هذا وقوله لسارة انها أختي.
أقول : لقد صدق في : اني سقيم كما بيناه في آيته ، حيث سقم روحه في ضلالهم ، ثم في الحديث الثاني تضاد ، فان لم يصلح ابراهيم للشفاعة لأنه كذب ، فهو كذب غير معذور ، وان كان معذورا في كذبه فتركه للشفاعة غير مشكور!.