كبيرهم هذا ان نطق وان لم ينطق فلم يفعل كبيرهم هذا شيئا» (١).
وهذه طبيعة الحال في الآلهة الناطقة الحية ان كبيرهم يصرع شركاءه ليتوحد هو بالألوهية : (وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) (٣٣ : ٩٤).
ثم (إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) فهم أحرى ان يسألوا من فعل بهم هذا ، إذا (فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) ولا تسألوني أنا ، شرطية صادقة باهرة تحمل حججا قاهرة : فأسئلوهم هل قتلهم كبيرهم ام سواه ، ولا بد لهم من اجابة (إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) فإذ لا ينطقون فما هم بآلهة ، ولو نطقوا فليس إلّا كبيرهم فعله قضية التغالب في آلهة عدة ، دون عبيد كأمثال ابراهيم.
فعدم نطقهم ، وجعلهم جذاذا بفعل ابراهيم ، هما برهانان اثنان انهم أضعف من احد من العباد فكيف يعبدهم العباد.
فلقد فسحت هذه الشرطية المجملة الجميلة تلك المجالات الفاسحة لاحتجاج ابراهيم على من حضر من عبدة الأصنام ، ولا شك ان اجتماع القوم في صعيد واحد كان أمنية ابراهيم التي طالما جاشت نفسه بها وتوخاها ليقيم عليهم الحجة جميعا.
ويا لها من تهكم ساخر يهزءهم هزء ويهزّهم هزّا ، حيث يحمل برهانا صارحا صارخا في الحشد انها ليست بآلهة إذ لا تنطق ولا تحافظ على أنفسها ، فضلا عن أن تنطق بصالح عبادها ، والحفاظ على مصالحهم.
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٤٣١ عن تفسير القمي في الآية : فقال الصادق (عليه السلام) والله ....
فقيل كيف ذلك؟ فقال : انما قال ... أقول : ان كانوا راجع الى كلتا الجملتين : فعله فاسألوهم ..