اجل «اما إليك فلا واما الى رب العالمين فنعم» (١).
«قلنا» هنا وفي اضرابها من الأمور التكوينية هي الارادة القاطعة الإلهية ، فالذي قال للنار كوني حرقا وايلاما ، هو القائل هنا (كُونِي بَرْداً وَسَلاماً) والنار هي النار ، وقد تلمح له (عَلى إِبْراهِيمَ) إذا فلم تبرد النار حتى تتحول عن ماهية النار ، بل بقيت نارا حارة إلّا على ابراهيم ، ولو لم يقل «سلاما» بعد «بردا» لأثلجت ابراهيم ببردها ، ولكنها البرد السلام فأصبح ابراهيم كأنه في روضة خضراء معتدلة الهواء ، اصطيافية الفضاء (٢).
__________________
ـ اختبرني أبي عن جدي عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) عن جبرئيل قال : ... وفيه (٣٥) عن الرضا (عليه السلام) قال : ان ابراهيم لما وضع في كفة المنجنيق غضب جبرئيل (عليه السلام) فأوحى الله عز وجل : ما يغضبك يا جبرئيل! قال : يا ربّ خليلك ليس من يعبدك على وجه الأرض غيره سلطت عليه عدوّك وعدوه فأوحى الله عز وجل اليه : اسكت انما يعجل العبد الذي يخاف الفوت مثلك ، فاما انا فانه عبدي آخذه إذا شئت قال : فطابت نفس جبرئيل فالتفت الى ابراهيم (عليه السلام) فقال : هل لك حاجة ، فقال : اما إليك فلا ، فاهبط الله عز وجل عندها خاتما فيه ستة أحرف «لا اله الا الله ـ محمد رسول الله ـ لا حول ولا قوة الا بالله ـ فوضت امري الى الله ـ أسندت ظهري الى الله ـ حسبي الله» فأوحى الله جل جلاله اليه ان تختم بهذا الخاتم فاني اجعل النار عليك بردا وسلاما.
أقول وليس هذا الا خاتما بيد خاتم حيث ابراهيم (عليه السلام) أصبح تجسيدا لهذه الكلمات.
(١) وفيه عن تفسير القمي مثله الا فيما نقلناه وقبله : هو عبدي آخذه إذا شئت فان دعاني أجبته فدعى ابراهيم بسورة الإخلاص : يا الله يا واحد يا احد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد نجني من النار برحمتك.
(٢) نور الثقلين ٣ : ٤٣٦ عن كمال الدين وتمام النعمة عن مفضل بن عمر عن الصادق (عليه السلام) قال سمعته يقول أتدري ما كان قميص يوسف (عليه السلام) قال قلت : لا قال ان ابراهيم (عليه السلام) لما أوقدت له النار نزل اليه جبرئيل ـ