فما يروى انه «ما انتفع أحد بها ثلاثة ايام وما سخنت ماءهم» (١) كأنه هباء وهراء ، حيث النار الابراهيمية كانت تحرق غيره فضلا عن كل نار سواها ، ولو بردت النيران كلها لتواترات فوق كل ما حدث في تاريخ الإنسان! ثم لم يكن إذا في برد النار على ابراهيم آية معجزة لو ان النيران بردت كلها ، بما في ذلك البرد الشامل من ضر على سكنة الأرض دونما فائدة لهذه الآية الخارقة إلّا بائدة تقضي على كونها آية قضية الشركة بينها وبين سائر النار.
هذه آية إلهية ابراهيمية دون شك ، لا تتحمل أي تأويل يجعلها خارجة عن خارقة ، مثل أن تخلّي ابراهيم عن كل ما سوى الله حتى عن نفسه جعله لا يشعر بحرق النار ، حيث أحرقته ولم يشعر أو لم تحرقه قضية الانقطاع عن
__________________
ـ بالقميص والبسه إياه فلم يضر معه حر ولا برد وفيه عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) ان نمرود الجبار لما القى ابراهيم في النار نزل اليه جبرئيل بقميص من الجنة وطنفسه من الجنة فألبسه القميص وأقعده في الطنفسة وقعد معه يحدثه.
(١) في الدّر المنثور عن عائشة ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) قال : ان ابراهيم حين القي في النار لم تكن في الأرض دابة لا تطفئ عنه النار غير الوزغ فانه كان ينفخ على ابراهيم فامر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) بقتله!.
وفي بحار الأنوار ١٢ : ٣٨ بسند عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : لما قال الله عز وجل : (يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) ما انتفع احد بها ثلاثة ايام وما سخنت ماءهم ورواه مثله عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) وفيه : لم يعمل يومئذ نار على وجه الأرض ولا انتفع بها احد ثلاثة ايام ...
أقول : ويقابلها المروي فيه عن الرضا (عليه السلام) قال : لما رمي ابراهيم في النار دعا الله بحقنا فجعل الله النار عليه بردا وسلاما» والمروي عن الباقر (عليه السلام) في حديث (٤٠) فنزل جبرئيل يحدثه وسط النار قال نمرود من اتخذ إلها فليتخذ مثل آله ابراهيم فقال عظيم من عظمائهم إني عزمت على النيران ألّا تحرقه قال : فخرجت عنق من النار فأحرقته ...