الرسل الإبراهيميين.
«وجعلناهم» هؤلاء المصطفين ـ ككل ـ من ذكروا هنا ومن يذكروا (أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) فكما (جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) كذلك هم (يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) فان «بأمرنا» متعلق بكليهما ، فالإمامة المجعولة بأمر الله ، هي الهادية بأمر الله ، هدى معصومة من امامة معصومة لا قصور فيها ولا تقصير :
فليست الإمامة الهادية بأمر الأمة شورى وسواها ، ولا بأمر الإمام معصوما وسواه ، وانما الإمامة بجعل الله ، وهدايتها بأمر الله لا سواه وحتى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) ، إذ لا يسمح له ان يجعل إماما معه أم يخلّفه بعده.
و «يهدون» يعم التكوينية وهي الإيصال الى الهدى ، الى جانب التشريعية وهي الهدى نفسها ، فهم يهدون الناس بشرعة الله بأمر الله ، ويهدونهم توفيقا للهدى بأمر الله ، فلا هم أنفسهم يهدون تشريعيا ولا تكوينيا ، وانما هم اداة رسالية بيانا لشرعة الله ، وإيصالا الى هدى الله : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) (٢٨ : ٥٦) ف (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) (٣ : ١٢٨)
وكما ان كلتا الهدايتين للأئمة رسلا وسواهم ، هما بوحي الله وامره ، كذلك (فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ) حيث (أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ ..) لا ـ فقط ـ كيف يفعلون؟ فانه وحي الشرعة ، بل نفس ما يفعلون ، فانها بوحي الله ، عصمة وتسديدا من الله ، وليس ذلك الوحي فوضى جزاف دونما صلاحية لهم مسبقة ، بل (وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) قبل مثلث الوحي ، حتى استحقوه فاصطفاهم الله له رساليا أم سواه.
هذه هي الامامة المعصومة لا تجعل إلا بأمر الله ، كما هدايتهم للناس بأمر الله بنص خاص ، ولتكن كذلك الإمامة غير المعصومة في أية درجة من