أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ)(٩١)
(وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ ٧٨ فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فاعِلِينَ) ٧٩.
الحكم هنا هو القضاء فصلا لخصومة في قضية واقعة ، لا الحكم الشرعي العام من الشرعة الإلهية ، فان تفهمه من لزامات الرسالة ، وذلك الحكم المختلف فيه بين داود وسليمان كان مسرحا للامتحان دون امتهان لداود ، واحترام لسليمان (وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً) على سواء ، بل (وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ ..).
إنّما ذلك لكي يثبت داود ويعلم معه العالمون انه خاطئ في حكم خاص لولا تفهيم من الله ، فضلا عن حكم الإمامة الرسالية وهو عامة الشرعة الإلهية.
ويبدو ان داود (ع) ـ لأنه كان الملك النبي والحاكم المطلق في بني إسرائيل ، وقد جعله الله خليفة في الأرض : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ) (٣٨ : ٢٦) ـ يبدو أنه لذلك كان هو المسؤول في تلك المنازعة. (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ) فأبدى ما فهّمه ربه وطبعا بإذن من داود ، إظهارا للقصور الذاتي للمرسلين لولا الوحي ، ولأهلية سليمان للخلافة بعده (١).
__________________
(١) البحار ١٤ : ١٣٢ عن الكافي بسند عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ان ـ