(وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً)!
وهل ان داود حكم قبل ان يفهّمه الله؟ وذلك خلاف حكم الله والحكمة الرسالية ولا سيما عند الاختلاف بين حاكمين رساليين!.
كلّا! ولا اشارة هنا انه حكم ، بل «إذ يحكمان» دون «إذ حكما» دليل انهما كانا يتشاوران ويتناظران (١) في حكم القضية ، ثم الحاكمان المتفقان فضلا عن المختلفين ليسا ليحكما في قضية واحدة ، ولا سيما إذا كان أحدهما الحاكم
__________________
ـ الامامة عهد من الله عز وجل معهود لرجال مسمين ليس للإمام ان يزويها عن الذي يكون من بعده ، ان الله تبارك وتعالى اوحى الى داود (عليه السلام) ان اتخذ وصيا من أهلك ، فانه قد سبق في علمي ان لا ابعث نبيا إلا وله وصيّ من اهله وكان لداود (عليه السلام) أولاد عدة وفيهم غلام كانت امه عند داود (عليه السلام) وكان لها محبا فدخل داود عليها حين أتاه الوحي فقال لها : ان الله عز وجل اوحى الي يأمرني ان اتخذ وصيا من اهلي فقالت له امرأته : فلتكن ابني ، قال : ذاك أريد ، وكان السابق في علم الله المحتوم عنده انه سليمان ، فأوحى الله تبارك وتعالى الى داود ان اجمع ولدك فمن قضى بهذه القضية فأصاب فهو وصيك من بعدك فجمع داود ولده فلما ان اقتصى الخصمان قال سليمان : يا صاحب الكرم متى دخلت غنم هذا الرجل كرمك؟ قال : دخلته ليلا ، قال : قد قضيت عليك يا صاحب الغنم بأولاد غنمك وأصوافها في عامك هذا ثم قال له داود فكيف لم تقض برقاب الغنم وقد قوم ذلك علماء بني إسرائيل فكان ثمن الكرم قيمة الغنم؟ فقال سليمان : ان الكرم لم يجتث من أصله وانما أكل حمله وهو عائد في قابل فأوحى الله عز وجل الى داود ان القضاء في هذه القضية ما قضى سليمان به ، يا داود أردت امرا وأردنا امرا غيره فدخل داود على امرأته قال : أردنا امرا وأراد الله غيره ولم يكن الا ما أراد الله عز وجل فقد رضينا بأمر الله عز وجل وسلمنا ، وكذلك الأوصياء ليس لهم ان يتعدوا بهذا الأمر فيجاوزون صاحبه الى غيره.
(١) المصدر عن أبي جعفر (عليه السلام) في الآية قال : لم يحكما ، انما كانا يتناظران (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ) ، وفي الفقيه بسنده الصحيح عن جميل عن زرارة مثله.