الحال في ذكريات سائر الرسالات (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ) (١١ : ١٢٠).
وكما هي في سائر مجالاتها وحلقاتها ، إذا فلا تكرار في جلواتها ، إلّا تكرارا لمجالاتها المناسبة لها ، كلّ على قدر.
وترى كيف «را نارا» وهي في الحق كان نورا تشبه النار؟ انها في رؤيته البدائية ومن بعد كانت نارا! ولأنه لم يتأكد كونها نارا قال (إِنِّي آنَسْتُ ناراً) دون «رأيت نارا» ثم «لعلي» مرددة بين (آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً) تؤكد انه لم يتأكد كونها نارا ، مهما احتملت «لعلي» عدم التأكد من احد الأمرين إذا كانت نارا ، وهي قائمة مقام إن شاء الله!.
والنيران خمس : نار لها نور بلا حرقة وهي نار موسى ، ونار محرقة بلا نور وهي نار جهنم ، ونار تجمعهما وهي المعروفة لدينا ، ونار لا حرقة فيها بالفعل ولا نور وهي نار الشجر الأخضر فمنه توقدون ، ونار كلّ مادة تظهر في التفجرات الذرية.
و (حَدِيثُ مُوسى إِذْ رَأى ناراً) هو ما حدث له بالفعل لأوّل مرة في بزوغ الوحي الرسالي ، ولماذا (أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً) دون (مِنَ النَّارِ) لأن قضية الحال في النار الموقدة في الصحراء أن عندها أهلا عليها فهم يهدوننا الطريق ، ام إن على النار نفسها هدى وكما اهتدى بما أوحي له منها.
ثم «قبس» كما هنا ، و «جذوة» كما في القصص هما بمعنى ، وهو قطعة منها تتجزى (لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) وتستوقدون فتعملون بها لأنفسكم نارا بها تكتفون (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٢٩٠ ـ اخرج احمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي ـ