الأصل والثاني هو الفرع ، اللهم إلّا تشاورا في «كيف الحكم»؟ فكل يرتإي رأيا في نقاش بينهما ، حتى تنتج الشورى حكما واحدا.
ثم (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ) دليل انه كأبيه داود كان محتارا في الحكم خاطئا لولا تفهيمه.
ثم (وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ) قد تعني احكام المرسلين ككلّ ، ولذلك (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ) وإلّا فحق الصيغة «كنا لحكمهما شاهدين» (١) ام ـ وباحرى ـ لحكمه ، والشهادة هي الحضور علميا وتعليميا (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ) قبل ان يحكم أحدهما.
ام و «لحكمهم» الواحد ، حاكمين ومحكوم عليهم ، ولكنه ـ أن عني وحده كان خلاف الفصيح والصحيح ، والجمع اجمع وأجمل.
فلم يحكم داود ـ إذا ـ بغير الحق خلافا لأمر الله (فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ) إذ لم يكن الحكم بالحق في السنة الداودية إلا بالواقع المطلق ، وليس ـ إذا ـ إلّا بتفهيم الله وقد فهمه سليمان دونه للمصلحة.
والروايات الواردة ان داود حكم بخلاف الحق الذي فهمّه سليمان ،
__________________
(١) البحار ١٤ : ١٤١ ـ عن تفسير القمي في الآية حدثني أبي عن عبد الله بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : كان في بني إسرائيل رجل كان له كرم ونفشت فيه غنم لرجل آخر بالليل وقضمته وأفسدته فجاء صاحب الكرم الى داود (عليه السلام) فاستعدى على صاحب الغنم فقال داود (عليه السلام) اذهبا الى سليمان ليحكم بينكما فذهبا اليه فقال سليمان : ان كانت الغنم أكلت الأصل والفرع فعلى صاحب الغنم ان يدفع الى صاحب الكرم الغنم وما في بطنها ، وان كانت ذهبت بالفرع ولم تذهب بالأصل فانه يدفع ولدها الى صاحب الكرم وكان هذا حكم داود وانما أراد ان يعرف بني إسرائيل ان سليمان (عليه السلام) وصيه بعده ولم يختلفا في الحكم ولو اختلف حكمهما لقال : وكنا لحكمهما شاهدين.