ويا له من اله واحد ورب واحد مبدء ومرجعا ، ويا لهم من امة واحدة على ضوء رسالة واحدة تلتقيان على عبادة واحدة وتقوى واحدة (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ..)! خطابا شاملا للرسل باممهم ، هم يحملون «كيف يعبد الله ويتقى» الى كل الأمم ، فمهما اختلفت الطقوس والصور فالأصل والاتجاه واحد هو عبادة الله وتقواه.
ولان الرسالة تعم العالمين ككل من الجنة والناس ومن سواهما أجمعين ، فالكل هم «أمتكم» كما و «كم» تعم رسل الجن الى جانب رسل الانس مهما كانت الرسالة الاولى على هامش الثانية.
فالرسالات كلها هي باتجاه واحد من آله واحد والى آله واحد ، وكل رسول يحمل شرعة خاصة من الخمس ، يجمع العالمين على رسالته ، وكل لاحق هو على خط سابقه ، وعلى كل امة لاحقة اتباع شرعتها اللاحقة ، تركا للسابقة صورة ، وتمسكا بها سيرة ، فلم يكن القصد من شرعة بعد شرعة ـ وهي كلها عن دين واحد ـ ان تختلق امم متصارعة طول تاريخ الرسالات ، حيث الاختلافات على اية حال مرفوضة ، والوحدة في كل حال ملحوظة مفروضة (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) (١١ : ١١٨)!:
(لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (٥ : ٤٨) (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ...) (٤٢ : ١٣).
فقد أمروا بالتوحد في دين الله بشرعته ولكنهم (تَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ ..) تقطعا الى امم ، وتقطعا في كل امة الى مذاهب ، وتقطعا في