الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ..) (٢٤ : ٥٥).
فذلك وعد للحياة الدنيا في عاقبتها (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (٣٨ : ٨٣) وكما وعدوا كذلك ميراث ارض الجنة طبقا عن طبق : (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) (٣٩ : ٧٤) ف (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ) (٢٣ : ١١).
فلا يختص الوعد المكتوب (فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) فقط ميراث الأرض بعد الموت برزخا وأخرى (١) كما لا يختص بالحياة الدنيا وان كانت هي الظاهرة من «الأرض» حين إطلاقها ، وقد يؤيد الشمول لهما ، تلحيق الآية بالأخرى وقبلها الرجعة الى الاولى : (فَمَنْ يَعْمَلْ .. وَحَرامٌ .. حَتَّى إِذا فُتِحَتْ .. وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُ .. إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ .. يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ .. وَلَقَدْ كَتَبْنا ..) فلتحقّ آية الوارثة ل (عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) ـ (لِقَوْمٍ عابِدِينَ) كلتا الوراثتين في كلتا النشأتين ، فمهما كانت الاولى هي القدر المعلوم من نفس الآية ، ولكن الثانية تلحقها بآيات القيامة وآية الزمر واضرابهما ، مهما اختلف ميراث الاخرى عن الاولى في درجات ، ولكنهما يلتقيان في ظاهرة باهرة لدولة الايمان ، ولا سيما بين دويلات الكفر التي يقضى عليها في هذه الدولة المباركة الكريمة.
__________________
(١) تفسير البرهان ٣ : ٧٥ عن محمد بن العباس بسند عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) في الآية قال : آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين ومن تابعهم على منهاجهم والأرض ارض الجنة أقول قد يئول ارض الجنة بان ارض الدنيا حينئذ تصبح كأرض الجنة ، ام انها تشمل ارض الدنيا الجنة وارض الجنة.