(إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) ١٥.
وفي هذه الزاوية الثالثة من أركان الشرعة الإلهية تكتمل اصول الدعوة مبدء ومعادا وما بين المبدء والمعاد ، وهذا هو الوحي بأحكام العبودية وفي قمتها الصلاة ، فتمت بذلك اصول الدين بفروع في صيغة مختصرة محتصرة ، هي لكل شرعة إلهية ، مهما اختلفت الشرائع في طقوس عبادية حسب المظهر والصورة.
ولأنه ليس ليلتزم عبودية الله ـ فقط ـ لأنه الله لا اله الا هو ـ إلّا من شغفه حبا وهي عبادة الأحرار ، وهم قلة قليلة بين عباد الله ، ثم الثلة الباقية هم بين عبيد وتجار ، لذلك يثنى دافع المبدء بالتوحيد المعرفة الخالصة ، بدافع المعاد ، فبين المبدء والمعاد يكثر العباد رغبة في الثواب وخوفة من العقاب.
وعرض المعاد في ذلك المثلث البارع ، عرض عريض في المعنى الاجمالي عن المعاد واقعا وغاية قصوى ، وهنا لك تتم الشرعة الإلهية أصولا وفروعا في مطلع الوحي الموسوي كما هو في كافة المطالع الرسالية السامية ، وقد جمعت لسيد المرسلين وامام النبيين أتمها وأعمها وأهمها كما يناسب الخلود.
نجد «الساعة» المعنية بها القيامة في احدى وأربعين آية بين (٤٨) مرة «الساعة» في سائر القرآن ، وهي ثانية الأسماء كثرة وشهرة بعد القيامة السبعين ، مما يدل على مدى اهميتها تعبيرا عن ذلك اليوم العظيم.
واصل الساعة من ساع الشيء إذا زال وضاع ، فهي إذا وقت ضياع الكائنات عن بكرتها في قيامة التدمير ، واطلاق الساعة على جزء من الزمان انما هو لتصرفه وضياعه دونما رجعة ، وكذلك امر الساعة إذ لا رجعة فيها الى الاولى ، وانما هي الاخرى (لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى).