صَدْرَكَ) «لك» كرسول الى قوم لدوّامة خالدة ، وكذلك لموسى الى فرعون اللدود وامة لدودة.
فانشراح الصدر لنبوءة الوحي أمر ، وانشراحه للرسالة بعدها والنبوة أمر آخر ، حيث يلتقي فيها جماهير الامة ، ومكذبو الرسالة ، فلكلّ مجال حال ولكل حال مجال ، ولكل هدى شرح للصدر كما لكل ضلال ضيق : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ ..) (٦ : ١٢٥).
فانشراح الصدر في سبيل الرسالة يحوّل مشقة المسؤولية الكبرى الى متعة ، وعناءها الى لذة ، مهما كانت السبيل شاقة شائكة وملتوية طويلة ، وهنالك ينجح الرسول وتنجح الرسالة في هدفها الأسمى بمكانتها العليا.
اجل انه وجد لنفسه ضيقا في هذه الرسالة دون ما قبلها : (وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ. قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ. وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ. وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) (٢٦ : ١٤) فشرح الله صدره عن ضيقه في نفسه وبوزيره هرون.
وفي تقديم نداء الرب في الدعاء «رب» تعليم لكيفية الدعاء أنها تبدء باسم الربوبية ، فان من قضيتها الاستجابة بعد الدعاء بشروطها ، والتربية الرسالية تتطلب في سؤلها شرح الصدر عطاء من الله ، كما تتطلب العصمة الإلهية.
و «لي» هنا دون «لنا» دليل الاختصاص لذلك الشرح ، فللمؤمنين به ، الصابرين معه ، المثابرين على إيمانهم ، إن لهم شرحا كأمة ، ولموسى الرسول شرح كرسول واين شرح من شرح؟.