وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) (٢٦ : ١٤) فكما ان ضيق صدره كان بالنسبة لهذه الرسالة ، كذلك عدم انطلاق لسانه لأنه ربي عند فرعون وليدا ، وقتل من غواته نفسا ، وطبيعة الحال هنا تقتضي بتثاقل اللسان مهما كان فصيحا ، وبتكذيبه وهو اصدق الصادقين: (قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ. وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ ، قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ. فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ ، وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ) (٢٦ : ٢٢).
فقد يعقد لسان المتكلم الفصيح لعقد نفسانية ام خارجية ، فلا يسطع افصاحا لمرامه ، او مضيا في مرامه ، او يطلق لسان غير الفصيح ، وحتى المعقود اللسان او الأخرس ، لطلاقة نفسية وتجاوب خارجي ، وموسى على سابقته ، بمجابهة فرعون أن قتل منه نفسا ، رغم تربيته الولادية عنده ، ما كاد ليفصح عما يروم ، صدا نفسيا عن إفصاحه ، وآخر خارجيا وجاه فرعون وغواته ، فلا بد له إذا من وزير تخفيفا عن وزره ، وشدا لأزره ، وردءا لكلامه.
هذا وان كنا قد نصدق حسب الرواية هذه الحبسة العضوية الى حين الرسالة ، حفاظا على حياة موسى ، ولكنها حلّت منذ الرسالة بدعائه المستجاب : (قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى) وقد تلمح «عقدة» منكرة دون «العقدة» انها تعني العقدتين وقد حلهما بازالة الرثّة العضوية والضيقة النفسانية ، ثم بأخيه هارون ردأ يصدقه.
ومن هنا يبدأ بتطلب سؤله الثاني في بنود ثلاث ليكتمل الأول في إنجاح رسالته.
(وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي ٢٩ هارُونَ أَخِي ٣٠ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ٣١