من أبوين كسائر الإنسان ، ام دون أب كالمسيح (عليه السلام) وقد تلمح «كم» في خلقناكم ، ان الإنسان بجزئيه مخلوق من تراب ، فطالما اختلفا في حاضرة الصورة والسيرة ، الا ان أصلهما كليهما هو التراب ، (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) تراخيا عن الخلق الاول بأنساله ، وفي سائر الخلق بأنساله ، فأين النطفة والتراب ، والمسافة بينه وبين النطفة المؤلفة من الخلايا المنوية الحية مسافة هائلة!
والنطفة هي الدودة العلقة المتحولة بعد مراحل إلى جنين ، وهي واحدة من ملايين العلقات في البحر المنوي وهو قطرة ام قطرات! فنقطة واحدة من تلك الملايين هي الدودة التي تلقح البويضة من ماء المرأة في الرحم وتتحد به فتعلق في جدار الرحم فتصبح علقة :
(ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) متحولة عن نطفة ، الكامنة فيها كل خصائص الإنسان المقبل.
(ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ) وهي اللحمة الصغيرة المتحولة من العلقة ، قدر ما يمضغ (مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) فما هي المخلقة وما هي غير المخلقة؟
التخليق هو التحليق في الخلق ، فهو كمال الخلق الصالح لتحوله إلى جنين صالح ، وغيره هو غير الصالح ، سواء سقط (١) ام أصبح جنينا ناقصا في عضو او أعضاء.
ومن تخليق المضغة خلقها عظاما ، ثم كسوتها لحما ثم انشاءها خلقا
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٤٧١ عن تفسير القمي قال قال : المخلقة إذا صارت تامة وغير مخلقة قال : السقط.
أقول وهذا تفسير بأحد المصداقين لغير المخلقة ، فلا بد له مصداق آخر وهو من يولد ناقصا قضية العموم في (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ).