والاعتبار بها «سامرا» : متحدثا بالليل ، ليلة الجهالة والشهوة ، ليلة الحيونة والاستكبار ، ليلة التقاليد العمياء ، دون ضوء من الاضواء آفاقية وانفسية ، حال انكم «تهجرون» هذيانا هاجرا للحق ، حاجزا عما يحق ان يسمع ويطبق ، مطلقون ألسنتكم بهجر القول وفحشه وأنتم محلّقون ـ حول أصنامكم في سامركم ـ بالكعبة
فلقد كان هؤلاء يرمون الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في ظلام ، ويطلقون ألسنتهم بهجر القول وفحشه في نواديهم ، وهنا القرآن لما يجأرون يذكرهم بسمرهم الفاحش وهجرهم الطائش في الليل الأليل الدجى ، بهراء هم الهجى.
(أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ) ٦٨.
«أ» سمعوا (فَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ) حتى يعرفوا حقه الرسالي «ام» اعرضوا عنه لأنه أتى (ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ)؟ وقد أتاهم نفس ما أتاهم وزيادة ، فما هو بدعا من الرسل ولا قوله الرسالي بدع من القول!
وهم محجوجون ان لم يدّبّروا حيث أنكروا رمية في ظلام ، ومحجوجون ان تدبروا وأنكروا بحجة انه أتى ما لم يأت آباءهم الأولين وقد أتى!
(أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) ٦٩.
«لم يعرفوه» منذ دعوته إذ لم يدّبّروا قوله ام هو بدع من القول ، «ام لم يعرفوه» رغم كافة الحجج الرسالية المحلقة عليه (فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) رغم هذه الحجج الدامغة البارقة ، ام لم يعرفوه قبل رسالته فقد لبث فيهم عمرا من قبله أفلا يعقلون ، فقد عرفوه قبل بالامانة والصدق ، فهل الأمين الصادق مع الناس يتحول إلى خائن كاذب مع الله (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) فقد عرفوه سابقا وفي الحال بأحواله المصدّقة لكل حاله وقاله دون