(أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) ٧٢.
(أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً) رزقا على أتعاب الدعوة ، وليس يسأل ، وذلك تذكار لهم أنه يدعوهم إلى الله دون ان يسأل خرجا (اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ) فكل الموانع في تقبّل الدعوة ـ مادية ومعنوية أما هيه ـ زائلة ، وكلّ الدوافع لتقبلها حاصلة ماثلة:
(وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ٧٣.
«ان واللام» تأكيدان اثنان لانحصار هذه الدعوة إلى صراط مستقيم ، وانحسارها عما يبعده او يميل عنه ، وقد ذكر لنا ان نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لقي رجلا فقال له اسلم فتصعّب له ذلك وكبر عليه فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أرأيت لو كنت في طريق وعر وعث فلقيت رجلا تعرف وجهه وتعرف نسبه فدعاك إلى طريق واسع سهل أكنت تتبعه؟ قال : نعم ـ قال : فوالذي نفس محمد بيده انك لفي أوعر من ذلك الطريق لو كنت فيه واني لادعوك إلى أسهل من ذلك الطريق لو دعيت اليه ..» (١).
(وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ) ٧٤.
فالصراط المستقيم هو صراط المبدء والمعاد وما بين المبدء والمعاد ،
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ١٣ ـ اخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : ما فيه عوج ذكر لنا ... وذكر لنا ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لقى رجلا فقال له اسلم فصعده ذلك فقال له نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أرأيت فتييك أحدهما ان حدث صدقك وان أمنته ادى إليك والآخر ان حدث كذبك وان ائتمنته خانك قال : بلى فتاي الذي إذا حدثني صدقني وإذا أمنته ادى الي قال نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كذاكم أنتم عند ربكم.