فالذين لا يؤمنون بالآخرة هم ناكبون عن ذلك الصراط حيث المعاد هو مصير المبدء والرسالة ، وهما مسير المعاد ، وكما المعاد مصيرهما.
ولان الصراط صراطان : في الدنيا والأخرى ، فهم ناكبون مائلون عنهما ، فساقطون فيهما إلى شفا جرف هار (وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
(وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) ٧٥.
«لو» هنا تحيل رحمة الله لهم إذ صدوا على أنفسهم كل منافذها ، ثم لا يرجى منهم الهدى بكشف الضر عنهم ، بل لجوا في طغيانهم المتعرق في حياتهم يعمهون ، فلما ذا نرحمهم وهي عذاب على عباد الله الذين يظلون ويضلون تحت رحمة طغيانهم العمه.
(وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ) ٧٦.
هؤلاء الصلتون الصلبون الصامدون في كفرهم لا يزحزحهم عن ضلالهم لا رحمة بكشف الضر عنهم ولا عذاب (وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ) تخضعا (١) له عن كبرهم (وَما يَتَضَرَّعُونَ) استغفارا
__________________
(١) في الكافي باسناده عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الآية فقال : الاستكانة هي الخضوع والتضرع رفع اليدين والتضرع بهما وفي المجمع وروي عن مقاتل بن حيان عن الأصبغ بن نابتة عن امير المؤمنين (عليه السلام) قال قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رفع الايدي في الاستكانة قلت وما الاستكانة؟ قال : اما تقرء هذه الآية (فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ) أورده الثعلبي والواحدي في تفسيريهما وفيه قال ابو عبد الله (عليه السلام) الاستكانة الدعاء وفي الدر المنثور ٥ : ١٤ اخرج العسكري في المواعظ عن علي بن أبي طالب في الآية اي لم يتواضعوا في الدعاء ولم يخضعوا ولو خضعوا لله لاستجاب لهم.