لا يكلّمون ، اللهم إلا مع بعضهم البعض متلاومين.
ولان الخسأ هو زجر الكلب مستهينا به ، ولا يخسأ الا الكلب الهراش الضاري ، كذلك هم يخسئون بكذبهم فيها وما كانوا يكذبون (١).
(إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ١٠٩ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ ١١٠ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ) ١١١.
هم كانوا يستغفرونني بسناد الايمان يوما فيه مناص ، وأنتم تستغفرونني بسناد الشقوة والضلالة زعم العاذرة فيها ولات حين مناص إذ قد مضى يوم خلاص.
وأنتم اتخذتموهم سخريا ساخرين الله ورسوله واهل الايمان (حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي) وهنا ينسب الإنساء إلى المؤمنين إذ لولاهم لما كانت سخرية ولا نسيان ذكر ، فهم من اسباب نسيان الذكر دون تقصير ، وهم بشقوتهم وضلالهم سخروا منهم عامدين بكل تقصير ، فنسوا بذلك ذكر الله ، وأصبحت قلوبهم قاحلة عن ذكره إلى مليء من ذكر الشيطان ، وذلك كمثل قوله تعالى : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) (٢ : ١٠).
(إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا) على ما كنتم منهم تسخرون وعليهم تضحكون ، دون تزعزع من ايمانهم ولا تلكع فيما يعملون ، (جَزَيْتُهُمُ أَنَّهُمْ
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ١٧ ـ اخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار عن حذيفة ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ان الله إذا قال لأهل النار : (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ») عادت وجوههم قطعة لحم ليس فيها أفواه ولا مناخير تردد النفس في أجوافهم.