هُمُ الْفائِزُونَ) ففوزهم اليوم ككل هو جزاءهم بما صبروا.
(قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ)(١١٢).
وترى كيف تتناسب «لا تكلمون» وذلك السؤال حيث يتطلب كلاما في الجواب؟ علّه يعني لا تكلمون دون اذن أو أمر : (يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ) (١١ : ١٠٥).
هذا ، ولان الكلام الممنوع هو المرجو منه الفائدة ، واما الكلام العذاب فهو عذاب فوق العذاب.
وهذا السؤال تقريع لهم وتبكيت تثبيتا لإجرامهم القاصد على فسحة من زمن التكليف : (كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ) ورغم ان السؤال يؤكد لبث سنين ، هم يحولونها إلى يوم او بعض يوم :
(قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ) ١١٣.
وعلهم هكذا يجنّنون في الجواب لعظيم الهول المرهف الذي أنساهم عدد مكثهم ، فيحولون الجواب إلى العادين الذين هم في ذكر من عدد السنين إلى يوم الدين.
(قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ١١٤.
وطبعا «قليلا» بجنب الآخرة لا لأداء التكليف ، وهم طول هذا القليل في غفلة الشهوة وشهوة الغفلة دون ان يقدموا لأنفسهم.
و «في الأرض» هنا كما في البعض مما سواها تقصد الحياة الأرضية دنيوية وبرزخية ، وكما أجابهم الله في اخرى (لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ) (٣٠ : ٥٦) وحقا إن زمن اللبثين قليل بجنب الآخرة لأمور عدة ذكرناها في طه وسواها.