من استخراج الأموال وتعب الأبدان والاشتغال عن الأهل والولد وخطر الأنفس شاخصا في الحر والبرد ثابتا عليه دائما مع الخضوع والاستكانة والتذلل مع ما في ذلك لجميع الخلق من المنافع والرغبة والرهبة إلى الله تعالى ، ومنه ترك قساوة القلب وجساوة الأنفس ونسيان الذكر ، وانقطاع الرجاء والأمل ، وتجديد الحقوق ، وحظر النفس عن الفساد ، ومنفعة من في شرق الأرض وغربها ، ومن في البر والبحر ممن يحج ومن لا يحج من تاجر وجالب وبايع ومشتر وكاسب ومسكين ، وقضاء حوائج اهل الأطراف والمواضع الممكن لهم الاجتماع فيها ، كذلك (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ)(١).
وقد ذكر الله تعالى من (مَنافِعَ لَهُمْ) ما ذكر في آي أخرى لفريضة الحج : (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ) (٥ : ٩٧) ـ (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً) (٢ : ١٢٥) ـ (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ) (٣ : ١٦).
اجل «قياما للناس ومثابة للناس وهدى للعالمين» لا فقط الذين يأتونه ، مهما كانوا هم الركن الركين لتلك المنافع ، و «لهم» يعمهم كلهم
__________________
(١) المصدر في عيون الاخبار باب ما كتب به الرضا (عليه السلام) الى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل : ...
وفي باب العلل التي ذكر الفضل بن شاذان في آخرها انه سمعها من الرضا مرة بعد مرة وشيئا بعد شيء : فان قال : فلم امر بالحج؟ قيل : لعلة الرفادة إلى الله تعالى وطلب الزيادة ... وزاد بعد قوله : في المواضع الممكن لهم الاجتماع فيها : مع ما فيه من التفقه ونقل اخبار الأئمة (عليهم السلام) الى كل صقع وناحية كما قال الله عز وجل (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ.) أقول وقد نقلنا في المتن بعض المواضيع مما في العيون.