(وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ) ١٩٢.
فقد يعني الضمير الغائب (الْكِتابِ الْمُبِينِ) : القرآن ، أم ويعني فيما يعني رسول القرآن ، و «تنزيل» بديلا عن «المنزل» علّه للتدليل على انه كله منزل منه تعالى كأنه هو التنزيل ، تنزيلا من عليا الربوبية إلى دنيا العبودية ، ومن عالي الغيب إلى ظاهرة الشهود للمربوبين ، فليس تنزيلا من مكان عل إلى مكان دان ، وانما من مكانة عالية إلى اخرى دانية ، دنوّ الخلق عن الخالق مهما كان قلب الرسول العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والناس كلهم فقراء إلى الله وهو الغني الحميد الكبير المتعال العلي العظيم والقاهر فوق عباده ، فرحماته رحمانية ورحيمية ليست إلّا تنزيلا من علوّ الربوبية إلى دنو العبودية. والتنزيل هنا تشمل مرحلتي : الإحكام في انزاله دفعيا ، والتفصيل في تنزيله تدريجيا ، وهو فيهما إحداث حديث الذكر (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ ..) وليس إبراز العلم الأزلي حتى يكون قديما كما الذات وصفات الذات.
وإضافة التنزيل إلى رب العالمين للتأشير إلى انه يحمل ربوبيته العالمية الكافلة لتربية العالمين إلى يوم الدين ، دونما نظرة وحي آخر يكمّله أو ينسخه خلاف سائر الوحي.
ليس القرآن تنزيل الروح القدسي الرسالي ، ولا الروح القدس على قلبه ، فهذا وسيط الوحي وذلك مهبطه ، وليس تنزيله إلّا من رب العالمين كما يراه صالحا للعالمين.
(نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ١٩٣ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ١٩٤ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) ١٩٥.
نزل بالوحي الأمين الروح الأمين إلى الرسول الأمين (عَلى قَلْبِكَ)