حواسهم رغم أخطاءها ، أفلا يرون ـ بعد ـ أن فطرهم مصيبة ولا يختلفون فيها ولا يتخلفون عنها؟
إذا فدين الفطرة تدين له البشرية عن بكرتها دون خلاف ، وهكذا يكون كتاب الله : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها).
ومن ثم حكم ثان ـ كما الأول ـ للفطرة ، ان المحبوب واحد لا شريك له ، حيث لا يتعلق قلب الإنسان أيا كان ، ملحدا أو مشركا أو موحدا ، لا يتعلق ـ على أية حال ـ إلّا بنقطة واحدة ولا سيما إذا انقطعت الأسباب ، وحارت دون الخطر المحدق كلّ الألباب ، كما وآيات ركوب البحر الملتطم بأمواجه ، والضر المحيط على الإنسان بأفواجه ، تدل على ذلك الحكم الفطري ، ومنها الآية التالية آية الفطرة كمثال ماثل من احكامها : (وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ. لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)(٣٢ ـ ٣٤) وكم لها من نظير في سائر القرآن مثالا من أحكام ثابتة عدة للفطرة ، لا نكير لها بين الناس أجمعين ، وهي حجة الله على الناس بينهم وبينه مهما أنكروها أمام الناس بغية استمرارية حياة الشهوة وحرية الحيونة : (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ. ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) (١٦ : ٥٤) (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ) (٣٩ : ٨) ـ (فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٣٩ : ٤٩).
ومثال ثان لحكم التوحيد حسب الفطرة : (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ