مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) ٥٤.
تعريف آخر بالله وجاء مختلف حالات الإنسان من ضعف إلى قوة إلى ضعف وشيبة ، ومن القوة الحياة ومن الضعف الممات ، والإنسان كما هو بين مختلف حالات سائر الضعف والقوة كذلك هو بين الموت والحياة (يَخْلُقُ ما يَشاءُ) لا كما نشاء «وهو العلي القدير» بما يخلق.
(خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ) هو منّي فإنه ضعف في كيانه وضعف في دفقه ، ف «ضعف» مصدرا تلمح إلى مدى ضعف النطفة كأنها الضعف نفسه.
(ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً) أمنذ العلقة إلى المضغة إلى العظام إلى كسوتها لحما إلى إنشاءه خلقا آخر وإلى ...؟ وكل ذلك ضعف بعد ضعف! وقد تعني «قوة» بداية القوة والقيام على ساق للولائد ، و (مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ) قد تعني الضعف فيما بين الضعف الأوّل والقوة الأولى.
فان «من ضعف في خلقكم» هو النطفة المخلوق منها الجنين ، ف (مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ) تعني ضعف الجنين المخلوق من ضعف ، ومن ثم ف «ثم» هنا تفصل بين خلقه من ضعف وجعل قوة له بعد ضعف ، فذلك الفاصل ضعف بعد ضعف.
فضعف المصدر ممثّل في تلك الخليّة الصغيرة الدقيقة التي ينشأ منها الجنين ، وضعف الصادر بينه وبين قوة هو الجنين بأطواره ، ثم الطفل حتى يقوم على ساقه من ضلاعة التكوين.
وقوته بادئة من ذلك القيام كاستقلالية مّا في بعض الحاجيات مشربا ومأكلا وملبسا ، وقياما في حاجيات أخرى.
وهذه القوة باقية لحد الأربعين متزايدة ، ثم تبدّل الى ضعف ثم شيبة ، فالشيخوخة انحدارة إلى الطفولة بكل مظاهرها الضعيفة ولحد لا تعلمون شيئا ولا تقدرون على شيء وهو أرذل العمر : (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ