خلف الأرض ـ أيا كان ـ ارض وسماء ، أرض تحيط بها السماء من كافة مناكبها ، فهي ـ إذا ـ في السماء معلقة كسائر نجومها ومصابيحها!
وترى كيف استفهام الإنكار التنديد بمن كانوا يعيشون الزمن الذي كانت كروية الأرض فيه كفرا وخلافا للاحساس والعلم (١)؟! (أَفَلَمْ يَرَوْا ..) اجل لم يروا ، وأنى لهم أن يروا ، والعلم قاصر ، والجهل قاهر ، والوحي عنهم به منقطع؟!.
عله لان وحي الكتاب كان يشير الى هذه الملحمة العلمية ، ومهما كانوا هم مشركين ولكنما الاختلاط بالكتابيين يجعلهم يعرفون أمثال هذه الملاحم التي تهمهم علميا مهما لا تهمهم عقائديا ، ثم وهذه تحريضة علمية
__________________
(١) في زوايا التاريخ ليست الأرض كروية فقد كان أول تصور للإنسان في شكل الأرض انها بساط عظيم هائل لا نهاية لعمقه يعتمد عليها قبو السماء كالسقف المرفوع ، ولما تقدم في الملاحة وقطع البحار الواسعة أخذ يتصور ان الأرض سابحة في اوقيانوس من الماء لا نهاية له وكان ذلك خطوة لتصور ان الأرض محوطة بدائرة وترتكز على جذور طويلة مثل الشجرة ، وساد كذلك اعتقاد قديم بان الأرض بساط مستدير يقوم على اثنى عشر عمودا ، ولكن على اي شيء تقوم هذه العمد؟ فيجيب قساوسة في اوروبا في القرون الوسطى بأنها تقوم على الضحايا البريئة من اهل الفضيلة والتقوى الذين لولا وجودهم هنالك لدكت الأرض وذهبت هباء في الفضاء ، وقد كان (اناكسيماندر) الا غريقي في القرن السادس قبل الميلاد يرى ان الأرض كالاسطوانة وان قطرها يساوي ثلاثة أميال ارتفاعها ، وانها سابحة في مركز القبو السماوي وانه لم يسكن منها إلّا وجهها الأعلى ، وتوجد اوروبا في النصف الشمالي وليبيا او افريقيا وآسيا الجنوبي ، ثم جاء من بعده بقليل الفيلسوف أفلاطون وقال : ان الأرض مكعبة ، لأنه كان يعتقد ان المكعب أكمل الاشكال الهندسية فيجب ان يكون موطنا لافضل الكائنات وهو الإنسان ، وانه قبل ان يقول علماء الغرب بكروية الأرض سبقهم الى ذلك من عهد بعيد علماء الشرق حيث تخيلوا ان الأرض كروية وتنتهي شمالا وجنوبا بجبال عظيمة الارتفاع ، ومنذ ١٥٠٠ سادت في الغرب نظرية تقول : ان الأرض بيضاوية وانها سابحة في الأثير.