الأصيل ، ولم تكن لهم شفاعة وتدخّل فيها ، فصبروا طويلا (حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) حين بزغ وحي القرآن على قلب نبي القرآن ، فاستغرقوا فرحا مستبشرين متسائلين بعضهم البعض : (ما ذا قالَ رَبُّكُمْ) وبعد ذلك الردح العظيم ، فما وحي العمالة عندنا امام وحي القرآن بشيء (قالُوا الْحَقَّ) الذي لا حول عنه ولا تحويل ولا تجديل ولا تدجيل ، حق تابت لا حول عنه ، ولا تحريف ولا نسخ ولا تبديل (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ)!. ام ان ذلك هو طبيعة الوحي وماهيته ، حيث يفزع قبل حصوله انتظارا له ، ويفزع حين حصوله قرعا على اهله ، ثم يزول الفزع بعد استقرار .. (١).
(وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) دون ان يعلى عليه ويستكبر ، فهو الله لا سواه ، وهو الرب ليس الا إياه ، وهو الرزاق ذو القوة المتين دون شفاعة شفيع إلّا
__________________
(١) البرهان ٣ : ٣٥١ القمي في رواية أبي الجارود في الآية «وذلك ان اهل السماوات لم يسمعوا وحيا فيما بين عيسى بن مريم (عليه السلام) الى ان بعث الله جبرئيل الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسمع اهل السماوات صوت وحي القرآن كوقع الحديد على الصفا فصفق اهل السماوات فلما فرغ من الوحي انحدر جبرئيل كلما مر باهل السماوات فزع عن قلوبهم يقول : كشف عن قلوبهم ، فقال بعضهم لبعض ماذا قال ربكم؟ قالوا الحق وهو العلي الكبير.
وفي الدر المنثور ٥ : ٢٣٦ ـ اخرج جماعة عن النّواس بن سمعان قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا أراد الله ان يوحي بأمر تكلم بالوحي فإذا تكلم بالوحي أخذت السماء رجفة شديدة من خوف الله تعالى فإذا سمع بذلك اهل السماوات صعقوا وخروا سجدا فيكون أول من يرفع رأسه جبرئيل (عليه السلام) الى ان بعث الله فيكلمه الله من وحيه بما أراد فيمضي به جبرئيل على الملائكة (عليهم السلام) كلما مرّ بسماء سماء سأله ملائكتها ماذا قال ربنا يا جبرئيل فيقول : قال الحق وهو العلي الكبير فيقولون كلهم مثل ما قال جبرئيل (عليه السلام) فينتهي جبرئيل بالوحي حيث امره الله من السماء والأرض.