من اذن له ، إذا فهو هو الشفيع والشافعون عمال لتحقيق الشفاعة حيث الدار دار الأسباب :
(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٢٤).
«قل ... قل .. قل ..» ضربات كأنها مطارق تدفع بالحجة ، وتوضح المحجة ، في جولات تلو بعض حول قضية الشرك والتوحيد ، جولات تطوف بالقلوب في مختلف مجالات الوجود ، بمواقف مرهوبة ترجف فيها الأوصال ، وتتغير الأحوال بغيار الأهوال ، كل ذلك في ايقاعات قوية وادبية تصدع بقاطع البرهان في قوة وسلطان!
«قل» لمن يدعون من دون الله شفعاء وآلهة (مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)؟ روحيا او ماديا «قل الله» حيث يصدقون الله كإله الأصل وانما الاختلاف في الشبكات ، فلانه رسول الله وهو لسان الناس عن فطرة وعقلية اصيلة فليكن هو المجيب «قل الله».
ثم وفي نطاق الخلاف بينك وبينهم في اصول وفروع عقائدية وطقوس دينية فمجاملة في الحوار بإظهار الحق اليقين بمسرح الشك ، ولكي تجذبهم من الشك الى اليقين دون مفاجئة بصراح القول الحق : «نحن على هدى وأنتم في ضلال مبين» بل (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) :
لا تخلوا من بيننا هدى وضلال مبين ، وعلى الشاك في ضلاله وهداه أن يحاول الخروج عن ضلال الشك الى هدى اليقين! وانها غاية النصفة والاعتدال في ادب الجدال ان ينبري رسول الحق بلا تحتم لضلالهم ولا هداه ليثير فيهم التفكير في هدوء دون إذلال لهم في طرح القول : انهم هم في ضلال ، حيث الجدل بذلك الأسلوب المهذب الموحي الشهي أقرب الى لمس القلوب المقلوبة ، لو ان لها منفذا الى النور!