ومن ثم الى حلقة ثانية للحوار اعمق ادبيا وأعرق في اجتثاث جذور التعنت والاستكبار :
(قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (٢٥).
حيث يسايرهم في تهمة الإجرام انه ومن معه كأنهم المجرمون ، فلستم أنتم ـ إذا ـ مسئولون ، وانما المجرمون هم أنفسهم مسئولون ، ثم لما ياتي دورهم في نسبة الاجرام لا يفصح عنه بما أفصح لنفسه ، وإنما (وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) اجراما وسواه ، ف (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى).
وبهذه اللمسة اللامعة يخطئهم في خرافة الطائر ، ولكي يفكر كل في نفسه لنفسه ، دون محاولة لتخطئة الآخرين ، ومن حال الخاطئين تلطيخ المصلحين ليجعلوهم كما هم فيستريحوا منهم!.
والى حلقة ثالثة لو اننا عيينا عن ان نفتح بيننا بالحق :
(قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (٢٦)) فذلك الجمع ليوم الجمع ضرورة لا محيد عنها ، ولأقل تقدير فتحا بيننا بالحق ، حيث العلم المحيط والعدالة والحكمة تقتضي ذلك الفضل الحكيم من (الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ)! : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ؟ قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) (٣٢ : ٢٩).
ان الإقرار بوجود الله العلي القدير ، الفتاح العليم ، لزامه تقرير يوم للفتح بين المتخالفين في توحيد الله والإشراك به ، فإذا لم يفتح هنا فلا بد من فتح في الأخرى وهي هي يوم الحساب! فليس الفتاح العليم ليترك الأمور مختلطة إلّا إلى حين ، ثم وهو لا يجمع بين المحقين والمبطلين إلّا ريثما يقوم الحق بدعوته ويبذل طاقته ويجرب تجربته ثم يمضي امره ويفصل