عما يجب كفهم عنه من مختلف المحظورات والمحذورات.
فذلك الرسول هو كافة للناس مبالغة بالغة في الكف والكفاف ، مهما كانت الرسالات السابقة كفا دون كفاف ، فإنما كانت رسالات تحضيرية تعبدّ الطريق لهذه الكافة للناس.
والكافة من الكفّ العضو حيث يكف ، ومن الكف مصدرا ، وهما المعنيان مبالغة فيهما هنا ، فهو كف فيه الكفاية ليكف كل الناس عن كل المحاظير ، فقد تشمل الدعوة كل الناس ولكنها لا تكفهم ، وقد تكفهم كلهم ولكنها لا تشملهم ، وهذه الدعوة الكافة تشملهم كلهم (١) في كف واحدة وتكفهم ، فيا ايها الناس (ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) (٢ : ٢٠٨) دخولا للكل وكفا عن خطوات الشيطان بوحدة جامعة!.
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ٢٣٧ ـ اخرج ابن المنذر عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي بعثت الى الناس كافة الى كل ابيض واحمر ... وي تفسير البرهان ٣ : ٣٥١ القمي باسناده الى حفص الكناسي قال سمعت عبد الله بن بكر الدجاني قال : قال لي الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) اخبرني عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان أرسل عامة للناس؟ أليس قد قال الله في محكم كتابه (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ) لأهل المشرق والمغرب واهل السماء والأرض من الجن والأنس هل بلغ رسالته إليهم كلهم؟ قلت : لا ادري قال يا بن بكير ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يخرج من المدينة فكيف ابلغ اهل المشرق والمغرب؟ قلت : لا ادري ، قال : ان الله تعالى امر جبرئيل فاقتلع الأرض بريشة من جناحه ونصبها لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكانت بين يديه مثل راحة في كفه ينظر الى اهل المشرق والمغرب ويخاطب كل قوم بألسنتهم ويدعوهم الى الله والى نبوته بنفسه فما بقيت قرية ولا مدينة الا ودعاهم النبي بنفسه.
أقول «مثل راحة في كفه» استفادة لطيفة من «كَافَّةً لِلنَّاسِ» ولكن الكافة لا تستلزم ـ