كان رأس الزاوية ـ وهو تمام الزوايا ـ هو الله. ولا يستطاب الكلم في الحق تماما ، الّا بنية صادقة ، ومعرفة فائقة ، وتصديق لائق وعمل مصدّق ، وتعامل مع الواقع ، وآخر المطاف في طيب الكلم هو العمل وفقه.
صحيح ان الكلم الطيب دون العمل تخطى منازله إلا العمل ، ولكن الذي يرفعه هو العمل الصالح : (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) وفاعل الرفع للكلم الطيب هو العمل الصالح ، ومهما كان حق الفاعل هو الله ، فلا يرفعه الله الا بالعمل الصالح.
فالكلم ما لم يزود بزاده هو خبيث مهما اختلفت دركات خبثه حسب الدرجات ، فان العمل الصالح هو الذي يرفعه فالعمل الطالح يضعه (١) والحالة العوان ، لا إليه ولا الى ضده عوان بين رفعه ووضعه. وكلما زاد صلاح العمل زاد الكلم ارتفاعا ، كما كلما زاد طيب الكلم زاد صلوحا للارتفاع : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ..) (٥٨ : ١١).
ومن طبع الكلمة الطيبة ان ترتفع ثابتة دون زوال ، حتى يتلوها العمل الصالح فارتفاعا فوق ارتفاع : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها.) (١٤ : ٢٤).
وكلما كان الكلم الطيب أسعد ، فهو بطبيعة الحال اصعد ثم ارفع ،
__________________
(١) في تفسير القمي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ان لكل قول مصداقا من عمل يصدّقه او يكذّبه فإذا قال ابن آدم وصدق قوله بعمله رفع قوله بعمله الى الله وإذا قال وخالف عمله قوله رد قوله على عمله الخبيث وهوى به الى النار.